قصة حقيقية علي غرار طفل المرور حمادة _بقلم د/ أيمن رفعت المحجوب



الزمان: 

الساعه ٣ الفجر احد ايام الصيف من عام ١٩٨٦ ،

 المكان:

 كوبري السادس من اكتوبر ؛


كان هناك سيارة تتبع جهه سيادية يقودها  شاب فى منتصف العشرينات من العمر هو و زوجته وأخته فى طريق العودة من احد الفنادق بعد حضور فرح .


استوقفته لجنة مرور لفحص الرخص ، وبعد أن تأكد الضابط الشاب ايضا والذي لم يتجاوز الثلاثين من العمر ،

 من صلاحية الرخص ، 

انتبه وقال ؛

بس هذه السيارة تابعة لجهة حكومية كبير جدا،  و خرجت للعمل بأمر تشغيل باسم سائق( فلان الفلاني ) وأنت ( يقصد الشاب ) لست هو ، وهذا غير قانوني .....!!!


فرد الشاب ابن المسؤول الكبير وقال ؛

 " انت عارف العربية دى تتبع  من فى مصر ....!!!!"


فرد الضابط الشاب بكل أدب ؛

" على عيني و رأسي "

 ولكن القانون لا يعرف اسماء...!!!!


واكمل الضابط الخلوق وقال؛

على كل حال ممكن ان تنصرف ، وانا سوف اسجل ارقام اللوحه المعدنية ، واسجل مخالفة ، وسوف ابلغ الادارة بالواقعة ، ولهم التصرف......!!!


انطلق الشاب بالعربة الى المنزل و انتظر الأب ان يستيقظ فى الخامسة صباحا ، و ابلغ أباه المسئول الكبير جدا جدا كيف تم اهانته فى لجنة المرور امام زوجتة واخته ، و طالب أباه   ( الذي سمع القصة بكل حرص حتي النهاية) بأن يعاقب هذا الضابط الشاب ،  لعدم احترامه لمن فى العربة او حتي منصب الأب المرموق ...!!!


وبالفعل فى تمام الثامنة صباحا ، قام هذا المسئول الكبير اوى اوى اوى بالإتصال بالسيد اللواء وزير الداخلية ، وطلب منه ان يرسل كل من كان فى لجنة المرور على كوبري السادس من اكتوبر اعلى منطقة الزمالك فى إتجاه الدقي ( ليلة امس ) الى مكتب هذا المسئول..!


و بعد محاولة السيد وزير الداخلية معرفة السبب ، الذي لم يفصح عنه هذا المسئول  ، 


 واكتفي بقوله  ؛

أود أن أتعرف عليهم وأن اناقشهم فى بعض الإجراءات القانونية .


فتعجب الوزير وقال ؛

هل أحضر معهم او ارسل مساعد الوزير للتفتيش..!!!


فرد المسئول الكبير وقال ؛

لا لا هي دردشة ودية فقط لاغير ، فانت تعلم يا سادة الوزير انا احاضر فى اكادمية الشرطة منذ عشرات السنين و هم كلهم ابنائي. 


وبالفعل فى تمام الساعة الحادية عشر صباحا حضر كل من كان فى تلك الجنة المرورية ليلة الامس ، من ضباط وامناء 

و افراد امن الى مقر  مكتب هذا المسئول.


 و بعد اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية والتفتيش الدقيق الذي ادخل فى نفوس افراد  اللجنة شيء من الإنزعاج، 

دخل افراد لجنة المرور الى مكتب ذلك المسئول ليجدوه فى انتظارهم هو وابنه الشاب الهمام ، الامر الذي زادهم انزعاج  و انتابهم شيء من الذعر ؛ 

-اولا ؛ 

الاستدعاء العاجل للسيد وزير الداخلية لهم ،

 قبل مرور ٢٤ ساعة من الواقعة...... !!!!

-و ثانيا ؛ 

طلب واصرار المسئول الكبير الذي يهابه الناس لمقابلتهم شخصيا مع ابنه الذى استوقفوه بالأمس،  فقد فكان من الممكن ان يتحدث معهم وزير الداخلية ، او اى لواء مساعد له ، او حتي احد مساعدي هذا المسؤول من المدنيين او لواءات الشرطة المنتشرين فى اروقه المكان ........!!!


و ما كان من هذا الرجل المسئول عند مقابلتهم ،  الا وان شكرهم على القيام بعملهم ، و القي اللوم عليهم لعدم سحب السيارة ورخصة قيادة السائق (ابنه)  و عمل محضر له ، وقدم لهم مشروب السوبيا الشهير ، 

وقال لهم بنبرة صوت الأب ؛

أحسنتم عملا يا رجال ، فهكذا علمتكم فى أكاديمية الشرطة،  الانضباط والالتزام وتطبيق القانون على اى فرد من افراد المجتمع ، لا احد فوق القانون .


و اتصل المسئول بعدها بالسيد اللواء وزير الداخلية  ،

و طلب منه تكريم هؤلاء الرجال المحترمين...


و تم معاقبة سائق  السيارة ( الله يمسيك بالخير يا اسطي فرج ) الذي قبل ان يتركها  لهذا الشاب ، ليعود الى منزله مبكرا 


و بعد ان انصرفوا ، نظر الى ابنه وقال ؛

لكي تكون محترم عليك اولا ان تحترم القانون و ثانيا ان تحترم الناس ......!!!

 يا بني ؛

عامل الناس مثلما تريدهم ان يعاملوك ، 

والا سوف تجمع فى شخصيتك الكثير من القبح فى هذه الحياة .


و من يومها لم يسمح لهذا الشاب بقيادة اى سيارة تخص تلك الجهه الحكومية الى ان اشترى سيارة شخصية ،

 هذا بالاضافة الى ما ناله من عقاب اخر فى بيت العائلة لمده طويلة.. اخجل ان اذكره..!!


رحم الله الدكتور رفعت المحجوب الاب معلم الاجيال ، السياسي المحنك

 و الاقتصادى العملاق ، شهيد المبادئ ، القدوة و القيمة والقامة..!!


بقلم د / أيمن رفعت المحجوب 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -