الدورة الشهرية ليست عارًا ،هَوِّنَّ عليْكُنَ يا أخوات .. بقلم أحمد إبراهيم إسماعيل

 

الدورة الشهرية ليست عارًا، وليست مدعاةَ فخر؛ هي فقط ظاهرة طبيعية فطرية خلقها الله لا حاجةَ للحديثِ عنها كبطولةٍ ولا الحديث عنها كجريمة، وإنما لو تمَّ ذلك يكون لتوعيةٍ دينيةٍ أو طبيةٍ أو غيرها من الضرورات.

كما بالضبط احتلام الذكور في مراحل من حياتهم ليس عارًا، وليس مدعاةَ فخر؛ هو فقط ظاهرةٌ طبيعيةٌ فطريةٌ خلقها الله ينطبقُ عليها الأمر ذاته.

كما بالضبطِ  العلاقاتُ الجسديةُ مثلًا بين الأزواج وكما أشياء كثيرةٌ لا مجالَ للجهر بها فخرًا أو مهاجمةً أو للشجارِ حولها أصلًا!

الفكرةُ فقط أن هذه أمورٌ خاصة، وعدم مناقشتها أو إخفاؤها عن من لا يعنيه الأمر لا يعني أنها عارٌ أو منقصة!

من الممكن أن تتم التوعيةُ حول ذلك في النطاق الديني والطبي والاجتماعي بلا أي غضاضة، خاصةً فيما يخص الظروف النفسيةِ والصحيةِ للإناث المحاطين بذكورٍ في محيطهن، لكن لا أفهم صراحةً طرق تناولها كبطولات أو مناقص على الجانبين!

فيما يخصُّ الصيام..

أكرِّرُ ما قلتُه سابقًا..

الحيضُ تمامُ الأنوثة، ودوامُه دوامُ الأمومة، إنه ختمٌ ربَّانيٌ مُعجِزٌ ومُميِّز.

نسبةٌ كبيرةٌ من الأدويةِ المباعةِ حاليًا في الصيدليات هي أدوية تأخير الدورةِ الشهريةِ بغرضِ رغبةِ أخواتنا الفُضليات في بدايةِ رمضانَ مع الصائمين القائمين.

طيب، بدايةً فهذه بعضُ أعراضهِ الجانبية من منطلق مهنتي كصيدلاني:

‫- الصداع والدوار.‬

‫- تغيرات في النزيف أثناء الدورة الشهرية وعدم انتظامه أو توقفه. ‬

‫- زيادة الوزن واحتباس السوائل والانتفاخ. ‬

‫- تساقط الشعر أو الإفراط في نمو الشعر. ‬

‫- الاكتئاب والأرق. ‬

‫- شعور بألم في الثدي. ‬

‫- اضطرابات في وظائف الكبد. ‬

‫- قلة أو زيادة الرغبة الجنسية. ‬

‫- الطفح والحكة.‬

‫من الناحيةِ الشرعيةِ فالموضوع مُباح، حتى لا نحرِّمَ -حاشا لله- ما أحلَّ الله، لكن إباحتَه مرهونةٌ بكونِها لا تسبب أذى ولا ضررًا جسديًا لصاحبته؛ فهو في هذه الحالة (حرام!) ذلك أن الغايةَ الأساسيةَ لدين الإسلامِ هي الإنسان.‬

‫الدورةُ الشهريةُ وما لها من آثارٍ نفسيةٍ وجسديةٍ -جعلها الله في ميزانِ أخواتِنا- قد قَدَّرها الإسلام وأشفقَ على المرأةِ منها أيَّما إشفاقٍ في كلِّ شرائعه، حتى ظهر ذلك في تعامل سيدِنا النبي مع أمهات المؤمنين..‬ إذ رُوِيَ عن السيدةِ عائشة أنها قالت:

- كنتُ أتعرَّقُ اللحم (يعني أخرج اللحم من العِرق بأسناني) وأنا حائض، فأعطيه للنبي، فيضعُ فمه على الموضعِ الذي وضعت فمي فيه، وأشربُ الشرابَ فيضعُ فمه على المكان الذي كنتُ أشربُ منه... أقرأ أيضاً كيف تنقذين طفلك في حال تعرضه للإختناق

وفي موضعٍ آخر تقولُ السيدة ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين:

- كان الرسول يضع رأسه في حجر إحدانا وهي حائض ويقرأ القرآن.

حبيبُنا خيرُ الأنام الذي قضى وقتًا يواسي صغيرًا مات عصفوره كان هذا تعامله النفسي مع زوجاته في مثل هذه الفترات، صلواتُ الله وسلامُه عليه.

هَوِّنَّ عليْكُنَ يا أخوات، لا تُزِدْنَ حمولتَكُنَّ النفسيةَ والجسديةَ بحمولاتٍ أخرى ما دُمتُنَّ لا تقدِرْن، فوالله إنَّكُنَّ في جهادٍ إذ تواجهن طولَ الوقوفِ بالساعاتِ لتُفرحنَ الأسرةَ بطبقٍ جميل، وتسايْرْنَ الآلام الموصولةَ بذوقِكُن في ضبطِ طبخةٍ تنزلُ بردًا وسلامًا على معدةٍ صائمة، وتواجهن الصهدَ في حلوقِ الصائمينَ بوقفتكُنَّ ساعاتٍ في صهدِ المطابخِ وأعمالِ البيت قبل وبعد الإفطار، وتُنَظِّفْنَ الأمزجةَ قبل أن تنظِّفنَ الأركانَ والزوايا، أنتنَّ ضبطُ السُكَّرِ في مذاقِ رمضان.

بالمناسبة، إن من تمام السُنَّةِ أن يساعدَ الأزواجُ والآباءُ والإخوةُ والأبناء في ذلك، تقولُ السيدةُ عائشة عن النبي (كان في خدمةِ أهله، فإذا سمع الأذانَ خرج).

إن الإسلامَ لم يأتِ معذِّبًا للناس ولا شاقًّا عليهم، لقد حرَّم الله كل ما يضرُ المرءُ به نفسه حتى لو كان من شعائره! بل إنه تعالى (يُحِبُّ) أن تؤتى رُخَصُه حتى في مواضعَ أخرى.

افخرنَ بأنوثتكنَّ الكاملة، وبظواهر الله فيكُنَّ التي تُجَهِّزكُنَّ للأمومة، ومباركٌ عليكُنَّ الشهر الفضيل.

بقلم أحمد إبراهيم إسماعيل

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -