جريمة نهر دجلة ... عندما بكت السماء



 بخطي سريعة أمسكت الأم بطفليها وأخذت تمشي تجاه الجسر، اطفال صغار لا يعلمون شيء عن هذه الحياة سوي ما تقوله الأم . الأم شاحبة الملامح عيناها تنظر في إتجاه واحد ولم تعر أي إهتمام لبكاء الأطفال الجوعي، ولم يبقي في قلبها سوي الانتقام، لكن من من ستنتقم ؟! إنهم أطفالها علي كل حال ومن المفترض أنها تحبهم أيضاً  .. هكذا الأم في كل مكان وزمان تحب أبناؤها وتحافظ عليهم ، بل تضحي بحياتها من أجلهم ... خطوات قليلة قبل الوصول إلي النهاية .. شعر الطفل الأكبر بيد أمه وهي باردة .. انتفض قلبه ثم نظر إلي عينيها فوجدها ليست عينا أمه التي يعرفها .. بكي الطفلين بشدة .. ولسان حالهما يقول نحبك يا امي .. نحبك ونحب أبانا .. نريدكما معا .. نريد أن نعيش ونقتسم الحياة بحلوها ومرها .. انتظري قبل أن تختاري لنا هذه النهاية ... اماه نحبك وهل هناك اغلي أو اعز من الأم .. إذا كنت تريدين أن تقذفي بنا ف النهر  .. فلماذا قذفتي بنا في هذه الحياة ؟! .. انتظري يا امي فهناك أشياء كثيرة يمكن أن نعيش من أجلها ... 

نظرت الأم إليهم ثم رفعت الطفل الأول عالياً .. كانت تنظر إلي الطريق بحذر حتي لا يراها احد ... لم يكن معها أحد سوي طفليها والشيطان .. همس الشيطان في أذنها قائلا ،، هيا لا تتردي .. ارميه في اليم ، تخلصي من شعورك بالضعف واسلبي زوجك اعز ما يملك ، اجعليه يندم في كل لحظة واستمتعي بألامه واملأي من دموعه كأس نبيذ واسكري وحدك وتراقصي علي انغام صرخاته .. هيا ايتها القوية لا تتردي ... ارتفع النهر عاليا ثم قذف عليها بعض من الماء حتي تفيق من غفوتها .. بكي النهر كثيراً .. بكي حتي أن الطيور في السماء سمعت بكاءه .. قال النهر أتوسل إليك لا تفعلين .. اذهبي بعيداً عني .. اركضي واركضي حتي تتتورم قدامكي ...حتي تشعرين بالألم .. بالحنين .. بالحياة .. بالحب .. اريدك فقط أن تشعرين .. رفع الشيطان صوته حتي طغي علي صوت النهر وبدأ بالصراخ .. وهنا جف النهر .. لم يتبقي شيء إلا قليل من الماء المتسخ في القاع .. قال الشيطان اقذفي هذين الطفلين قبل أن تتيبس الأرض .. اغمسيهم في طين النهر سريعاً .. هنا رفعت الأم يدها وقذفت بالطفل الأول فأرتفع النهر عاليا حتي يقذفه الي الخارج .. لكن ف القاع كانت الأسماك تنتظر ورأت طعمآ بشري فالتقمته سريعاً وهنا توقف الطفل عن البكاء .. نظرت الأم الي طفلها الآخر والغريب أنه كان يبتسم .. لقد رأي روح أخيه في السماء تناديه .. وبسرعة قفذ الطفل الثاني علي يد أمه وتركها تفعل ما تريد .. وتكرر الأمر وغاب كل شيء وانسحب النهر من المعركة بعد أن خسرها أمام كل هذا الشر .. الشيطان لا زال واقف والأم بدأت ترتعد .. ضحك الشيطان بصوت عالي .. ضجت الأرض بالبكاء .. لمعت عين الام وسألته لماذا تضحك  .. فقال اضحك منك أيتها الساذجة ، هل تعتقدين أن قتل ولديك سيحسم الأمر ، لقد حصلتي علي الانتقام الذي تريدين ولكن قريباً ستشعرين بالندم وحينها ستبكين ولن ينفع البكاء ... ولن ينفع البكاء 

بقلم عماد أيوب 

تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  • Ossama Ibrahem
    Ossama Ibrahem 20 أكتوبر 2020 في 4:33 ص

    اشكر واقدر كاتب المقال الذي جعلنا نري كل ما حدث بين سطور كلماته

    إرسال ردحذف



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -